
الله جل جلاله
الإيمان بالله تعالى
ا م ن
أَصْلُ الأَمْنِ: طُمَأنينةُ النَّفسِ وَزَوالُ الخوفِ، وآمَنتُه ضَد أَخَفته، قال تعالى: وَآمنهُم مِن خّوفٍ (4-قريش)
والأَمَنة: الأمن، ومنه قوله تعالى: وإذ يُغَشَيكم النُّعاسَ أَمَنَةً مِنهُ (11-الأنفال)، عَن إبنِ مَسعود: النُّعاسُ في القِتالِ أَمَنَةٌ مِنَ اللهِ وفي الصَلاةِ مِن االشَّيْطانِ. والأَمَنَةُ: جمعُ أَمين وهُوَ الحافِظ، قال تعالى: إِنَّ المُتقينَ في مَقامٍ أَمين (51- الدخان)، أي: قد أمِنوا فيه الغيرَ، وقولُه تعالى: وهذا الَبَلدِ الأَمين (3-التين)، أي: الآمِن وهُوَ مَكةَ المُكَرَّمَة
ويَجعَلُ الأمانَ تَارةً إسماً للِحالَةِ التي يَكونُ عليَها الإنسانُ في الأَمْنِ كَقَولِه تعالى: أُؤلئِك لَهُم الأَمْنُ وهُم مُهتَدون (82-الأنعام)، وتارةً إسماً لِما يُؤتَمَنُ عليهِ الإنْسانُ في قولِه تعالى: وتَخُونوا أَمانَاتِكُم (27-الأنفال)، أي: ما ائْتُمِنْتُم عليه
وقولُه تعالى: ثُمَّ أبْلِغْهُ مَأْمَنَه (76-التوبة)، بتسهيلِ وُصولِهِ إلى المكانِ الذي يَألفُه عادةً كَبَيْتِهِ أَو وَطَنِهِ. وفي البيتِ الحَرامِ قولُه تعالى: ومَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِنَاً (97—آل عمران)، أي: آمِناَ مِنَ النارِ، وقيلَ مِنْ بَلايَا الدُّنْيا، وقيلَ آمِنٌ في حُكْمِ اللهِ فلا يُقْتَصُّ مِنْهُ ولا يُقْتَلُ فيه إلاَّ أَنْ يَخْرُج، ولِذا جاءَ في قولِه تعالى: أَوَلَم يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً (67-العنكبوت)
ورَجُلٌ أمَنَة: يَأْمَنُ كُلَّ أَحَدٍ وقيلَ يَأمَنُه الناسُ
والأَمان: الثِّقَة ، ورجلٌ أَمَنَة مَوْثُوقٌ بهِ مِأْمون، يطمئِنُّ إليه كل أحد ويثِق بِكُلِّ أَحَد. قال تعالى: مالَكَ لا تَأمَنَّا على يُوسُفَ (11-يوسف)
وقوله تعالى: ومَا أَنْتَ بِمؤُمنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِين (17-يوسف)، أي: بِمُصدِّق
وقوله تعالى: إنَّهُم لا لهُم (12-التوبة)، مَعناهُ إنْ أجَارُوا الناسَ لم يَفُوا وغَدَرُوا. وفي صِفَةِ بعضِ أهْلِ الكِتابِ قولُه تعالى: ومنهُم مِنْ إنْ تَأمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤدِّه إليكَ ومنهُم مَنْ إنْ تَأمَنْهُ بِدينارٍ لا يُؤدِّه إليَك (75-آل عمران)، تَحذيرٌ لِلمؤمِنين بِعَدَمِ الإغْتِرارِ بِبَعضِ أَهْلِ الكِتابِ لِخِيانَتِهِم الأَمِانَةَ وعَدمِ تَأْدِيَتِها
والأَمانَةُ تَقَعُ على الطاعةِ والعِبادَةِ والوَديعَةِ والثِّقَةِ والأَمانِ. قال تعالى: إنَّا عَرضْنَا الأَمانَةَ على السماواتِ والأَرضِ والجِبالِ فأبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وأشفَقْنَ مِنهَا وحَمَلَها الإنْسانُ إنَّهُ كانَ ظَلوماً جَهولاً (72-الأحزاب). رُوِيَ عن ابنِ عبَّاس وسعيدِ بنِ جُبَير أَنَّهُما قالا: الأمانَةُ هُنا الفَرائِضُ التي افْتَرضَها الله تعالى على عِبَادِه، وقيلَ العَدالَة، وقيلَ العَقْل لأنَّه بِحُصولِ العَقْلِ يَتَحَصَّلُ مَعرِفَةُ التَّوحيدِ وتَعَلُّمُ كلِّ ما في طَاقَةِ البَشَر تَعَلُّمُه، وقوله تعالى: وحَمَلَها الإنسانٌ: هو الشَّاكُّ الكافِر لا يُصدِّق، والأمانَةُ هُنا الِّنَّيةُ التي يَعْتقِدها الإنسانُ فيما يُظهِرُه بِاللسانِ مِنَ الإيمانِ ويُؤدِّيهِ مِن جميعِ الفَرائِضِ في الظَّاهِر، لأنَّ اللهَ عزَّ وجَل ائتَمَنهُ عليها ولَمْ يُظْهِرْ عَليْهَا أَحَدَاً مِنْ خَلقِه، فَمَن أضْمَرَ مِنَ التَّوْحيدِ والَّتصديقِ مِثْلَ ما َأظْهَر فقد أّدَّى الأَمانَةَ ومَن أَضمَر التَكذيبَ وهو مُصدِّق بَالِّلسانِ فَقَد حَمَل الآمانَةَ ولَمْ بُؤَدّها
وقولُه تعالى: يَؤمِنُ بِاللهِ ويُؤمِنُ للَمُؤمِنين (61-التوبة)، قَالَ ثَعلب: يُصدِّقُ اللهَ ويُصَدِّقُ المُؤمنين. وقولُه تعالى حِكايَةً عن إخوةِ يوسُفَ عليه السلام لأَبيهِم: وما أَنْتَ بِمُؤمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِين (17-يوسف)، أي: ما أَنْتَ بِمُصدِّقٍ لَ
والإيمانُ: إظهارُ الخُضوعِ والقَبُولِ لِلشريِعَةِ ولِما أَتى بهِ النبيًّ صلى الله عليه وسلم وإعتِقَادِه وتَصْديقِهِ بالقَلْبِ فَهوَ مُؤمِنٌ مُسلِمٌ غَيرُ مُرْتابٍ. قال تَعالى: الذينَ آمَنوا والذينَ هادُوا والصَّابِئونَ (69-المائدة). والإِيمانُ مَصدرُ آمَن يُؤمِن بإجتماعِ ثَلاثَةِ أشياء: تِحقيقٌ بالقلبِ، وإقرارٌ باللسانِ، وعملٌ بِحَسَبِ ذلكَ بِالجوارحِ. واتَّفقَ أهلُ العلمِ مِن الُّلغَويِين وغيرِهِم أَنَّ الإيمانَ معناهُ التَّصديق. قال تعالى: إنَّما المُؤمنون الذينَ آمنوا باللهِ ورسولِه ثُمَّ لَم يَرْتَابوا وجَاهَدوا بِأموالِهِم وأنْفُسِهِم في سبيلِ اللهِ أُولئِكَ هم الصَّادِقُون (15-الحجرات). وفي قولِه تعالى: قَاَلت الأعرابُ آمنَّا قُل لَم تُؤمِنوا ولكِن قُولُوا أَسْلَمنا ولَمَّا يدخُلِ الإيمانُ في قُلوبِكُم (14-الحجرات)، الإسْلامُ: إظهارُ الخُضوعِ والقَبولِ لِما أَتى بِهِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وبه يُحقَنُ الدم، فإنْ كانَ مع ذلِكَ الإظْهارِ إعتقادٌ وتَصديقٌ بالقلبِ فذلِكَ الإيمانُ الذي يُقالُ لِلمَوصوفِ بِهِ هُوَ مُؤمِنٌ مُسلِمٌ، وهو المُؤمِنُ باللهِ ورسولِه غيرُ مُرتابٍ ولا شاكٍ، والأَصلُ في الإيمانَ الدخولُ في صِدقِ الأمِانَةِ التي اْتَمَنَهُ الله عَليها. وفي الحديثِ: إذا زَنَى المؤمِنُ خَرجَ مِنْهُ الإيمانُ فكانَ فوقَ رأسِه كَالظُّلةِ فإن أَقْلَعَ عاَد إليه. والحياءُ مِنَ الإيمانِ، قال صلى الله عليه وسلم: الإيمانُ بِضعٌ وسَبعونَ شُعْبَة... إلى قولِه: والحياءُ شُعْبَةٌ مِن الإيمانِ. وآمِين يُقالُ بِالمَدِّ والقَصْرِ وهو إسمٌ لِلفِعل ومِعناه: إستَجِبْ